ناظم الغزالی (1921 - 23 أكتوبر 1963)، من أشهر مغنی العراق فی الخمسینیات والستینیات.
تختی... ولد الغزالی فی منطقة الحیدر خانة فی بغداد یتیمًا، لأم ضریرة تسكن فی غرفة متواضعة جدا مع شقیقتها. بمنتهى الصعوبة استطاع أن یكمل دراسته الابتدائیة والمتوسطة، فی المدرسة المأمونیة،
وكان الفقر ملازمًا له، وزاد الفقر حدة بعد وفاة والدته، ورعایة خالته
لها، وهی التی كانت تستلم راتبا لایتجاوز الدینار ونصف الدینار. وبعد تردد
طویل التحق بمعهد الفنون الجمیلة قسم المسرح، لیحتضنه فیه فنان العراق الكبیر حقی الشبلی نجم المسرح
وقتها، حین رأى فیه ممثلا واعدا یمتلك القدرة على أن یكون نجما مسرحیا،
لكن الظروف المادیة القاسیة التی جعلته یتردد كثیرا فی الالتحاق بالمعهد
نجحت فی إبعاده عنه، لیعمل مراقبا فی مشروع الطحین بأمانة العاصمة.

أبعدته الظروف عن المعهد، لكنها لم تمنعه من الاستمرار فی قراءة كل
ماتقع علیه یداه، والاستماع إلى المقام العراقی المعروف بسلمه الموسیقی
العربی الأصیل، كما كان یستمع أیضا إلى أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب وفرید الأطرش وأسمهان ولیلى مراد ونجاة علی،
وكانت أغنیاتهم وقتها تملأ الأسماع فی مناخ كان یدعو كلا منهم إلى
الاجتهاد والإجادة لإمتاع متذوقی الطرب، ولجعل ناظم یتعلق أكثر فأكثر
بالغناء ویحفظ أغنیاتهم عن ظهر قلب، لیكتشف ویكتشف المحیطون به أن هناك
موهبة غنائیة لن تكرر فی حنجرة مراقب مشروع الطحین. هذه الفترة، أكسبته
طموحا غیر محدود وعنادا وإصرارا على إكمال الطریق الذی اختاره رغم الصعاب
المالیة والنفسیة، التی واجهته، وجعلته حین یعود للمعهد یبذل قصارى جهده
لیحصل على أعلى الدرجات. أما قراءاته فجعلته یمتاز عن زملائه بثقافته، تلك
الثقافة التی ظهرت عام 1952 حین بدأ ینشر سلسلة من المقالات فی مجلة "الندیم" تحت عنوان "أشهر المغنین العرب"، وظهرت أیضا فی كتابه "طبقات العازفین والموسیقیین من سنة 1900 ـ 1962"،
كما میزه حفظه السریع وتقلیده كل الأصوات والشخصیات، وجعلته طوال حیاته
حتى فی أحلك الظروف لایتخلى عن بدیهته الحاضرة ونكتته السریعة، وأناقته
الشدیدة حتى فی الأیام التی كان یعانی فیها من الفقر المدقع.